كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال ابن العربي‏:‏ هذا الحديث موضعه في حقوق اللّه أما حق الآدمي فلا يدخل تحت المغفرة فلو زنى بامرأة فأقيم عليه الحد كفر عنه لكن حق زوجها وأهلها باق فيما هتك من حرمتهم وجر من العار إليهم وكذا القاتل إذا اقتص منه فهو كفارة للقتل في حق اللّه وحق الولي لا المقتول فله مطالبته به في الآخرة اهـ‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الحدود ‏(‏عن خزيمة بن ثابت‏)‏ وقال‏:‏ صحيح وأقره الذهبي‏.‏

2958 - ‏(‏أيما عبد‏)‏ أي قنّ ‏(‏مات في إباقه‏)‏ - ‏[‏والعبد الآبق هو الهارب من سيده‏.‏ دار الحديث‏]‏- أي حال تغيبه عن سيده تعدياً ‏(‏دخل النار‏)‏ يعني استحق دخولها ليعذب بها على عدم وفائه بحق سيده ‏(‏وإن كان قتل‏)‏ حال أباقه ‏(‏في سبيل اللّه‏)‏ تعالى أي في جهاد الكفار ثم يخرج منها إن مات مسلماً ويدخل الجنة قطعاً‏.‏

- ‏(‏طس هب عن جابر‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد اللّه بن محمد بن عقيل وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات‏.‏

2959 - ‏(‏أيما عبد أبق من مواليه‏)‏ بفتح الباء إعراضاً عنهم وأي للشرط مبتدأ وما زائدة للتأكيد وأبق خبره لا صفة للعبد لأن المبتدأ يبقى بلا خبر وجواب الشرط قوله ‏(‏فقد كفر‏)‏ أي نعمة الموالي وسترها ولم يقم بحقها ويستمر هذا حاله ‏(‏حتى يرجع إليهم‏)‏ أو أراد بكفره أن عمله من عمل الكفار أو أنه يؤدي إلى الكفر فإن فرض استحلاله فذاك كافر حقيقة وذكره بلفظ العبدية هنا لا يناقضه خبر النهي عن تسميته عبداً بقوله لا يقل أحدكم عبدي لأن المقام هنا مقام تغليظ ذنب الإباق وثم مقام بيان الشفقة والإرفاق‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الإيمان ‏(‏عن جرير‏)‏ موقوفاً ونقل عنه بعض رواته أنه قال سمعته من النبي صلى اللّه عليه وسلم لكن أكره أن يروى عني ههنا بالبصرة‏.‏

2960 - ‏(‏أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً على عري‏)‏ أي على حالة عري للمكسي ‏(‏كساه اللّه تعالى من خضر الجنة‏)‏ بضم الخاء وسكون الضاد جمع أخضر أي من ثيابها الخضر فهو من إقامة الصفة مقام الموصوف كما ذكره الطيبي ‏(‏وأيما مسلم أطعم مسلماً على جوع أطعمه اللّه يوم القيامة من ثمار الجنة وأيما مسلم سقى مسلماً على ظمأ‏)‏ أي ‏[‏ص 143‏]‏ عطش ‏(‏سقاه اللّه تعالى يوم القيامة من الرحيق‏)‏ اسم من أسماء الخمر ‏(‏المختوم‏)‏ أي يسقيه من خمر الجنة الذي ختم عليه بمسك قال النوربشتي‏:‏ الرحيق الشراب الخالص الذي لا غش فيه والمختوم الذي يختم من أوانيها وهو عبارة عن نفاستها وكرامتها وهذا إشارة إلى أن الجزاء من جنس العمل والنصوص فيه كثيرة والمراد أنه يختص بنوع من ذلك أعلى وإلا فكل من دخل الجنة كساه اللّه من ثيابها وأطعمه وسقاه من ثمارها وشرابها ويظهر أن المراد المسلم المعصوم ويحتمل إلحاق الذمي العاري الجائع به‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ في الزكاة ‏(‏ت‏)‏ كلهم ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال المنذري‏:‏ رواه أبو داود والترمذي من رواية أبي خالد بن يزيد الدالاني وحديثه حسن اهـ‏.‏ ولينه ابن عدي‏.‏

2961 - ‏(‏أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً‏)‏ أي لوجه اللّه تعالى لا لغرض آخر ‏(‏كان في حفظ اللّه تعالى‏)‏ أي رعايته وحراسته ‏(‏ما بقيت عليه منه رقعة‏)‏ أي مدة بقاء شيء منه عليه وإن قل وصار خلقاً جداً وليس المراد بالثوب في هذا الحديث وما قبله القميص فحسب بل كل ما على البدن من اللباس‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ وفيه خالد بن طهمان أبو العلاء قال الذهبي‏:‏ ضعيف قال ابن معين‏:‏ خلط قبل موته‏.‏

2962 - ‏(‏أيما‏)‏ قال الطيبي‏:‏ أيما من المقحمات التي يستغنى بها إما عن تفصيل غير حامل أو تطويل غير ممل ‏(‏امرأة نكحت‏)‏ أي تزوجت في رواية أنكحت نفسها وهي أوضح ‏(‏بغير إذن وليها- بغير إذن وليها لا مفهوم له عند الشافعي فنكاحها باطل وإن أذن لها وليها لحديث لا نكاح إلا بولي-‏)‏ أي تزوجت بغير إذن متولي أمر تزويجها من قريب أو غيره ‏(‏فنكاحها باطل‏)‏ أي فعقدها باطل ولا مجال لإرادة الوطء هنا لأن الكلام في صحة النكاح وفساده ‏(‏فنكاحها باطل فنكاحها باطل‏)‏ كرّره لتاكيد إفادة فسخ النكاح من أصله وأنه لا ينعقد موقوفاً على إجازة الولي وأنه ركب على ثلاثة فيفسخ بعد العقد ويفسخ بعد الدخول ويفسخ بعد الطول والولادة وتخصيصه البطلان هنا بغير الإذن غالبي بدليل خبر لا نكاح إلا بولي لكن لما كان الغالب أنها لا تزوج نفسها إلا بإذنه خص به ‏(‏فإن دخل بها‏)‏ أي أولج حشفته في قبلها ‏(‏فلها المهر بما استحل من فرجها‏)‏ قال الرافعي‏:‏ فيه أن وطء الشبهة يوجب المهر وإذا وجب ثبت النسب وانتفى الحد ‏(‏فإن اشتجروا‏)‏ أي تخاصم الأولياء وتنازعوا ومنه ‏{‏فيما شجر بينهم‏}‏ قال الرافعي‏:‏ المراد مشاجرة الفضل لا الاختلاف فيما يباشر العقد ‏(‏فالسلطان‏)‏ يعني من له السلطان على تزويج الأيامى فيشمل القاضي ‏(‏مولى من لا مولى له‏)‏ أي من ليس له ولي خاص وفيه إثبات الولاية على النساء كلهن لما سبق أن أيما كلمة استيفاء واستيعاب فيشمل البكر والثيب والشريفة والوضيعة قال القاضي‏:‏ وهذا يؤيد منع المرأة مباشرة العقد مطلقاً إذ لو صحت عبارتها للعقد لأطلق لها ذلك عند عضل الأولياء واختلافهم ولما فوض إلى السلطان قال أصحابنا‏:‏ ومن البعيد تأويل الحنفية الحديث على الصغيرة والأمة والمكاتبة يعني حمله بعضهم أولاً على الصغيرة لصحة تزويج الكبيرة نفسها عندهم كجميع تصرفاتها فاعترض بأن الصغيرة غير امرأة في الحكم فحمله بعضهم إجراء على الأمة فاعترض ‏[‏ص 144‏]‏ بقوله فلها المهر فإن مهر الأمة لسيدها فحمله بعض متأخريهم على المكاتبة فإن المهر لها‏.‏

- ‏(‏حم د ت ه ك‏)‏ كلهم في النكاح ‏(‏عن عائشة‏)‏ حسنه الترمذي وصححه ابن حبان وإعلاله بأنه من حديث ابن جريج عن سليمان عن الزهري وابن جريج ذكر أنه سئل الزهري عنه فأنكره، أبطله الحاكم بأن أبا عاصم وعبد الرزاق ويحيى بن أيوب وحجاج بن محمد صرحوا بسماعه عن الزهري والثقة قد بيناه فلا ينسى بإنكاره وذكر نحوه ابن حبان‏.‏

2963 - ‏(‏أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن كان دخل بها فلها‏)‏ عليه ‏(‏صداقها‏)‏ أي مهر مثلها ‏(‏بما استحل من فرجها ويفرق بينهما‏)‏ بالبناء للمجهول أي ويفرق القاضي بينهما لزوماً ‏(‏وإن كان لم يدخل بها فرق بينهما‏)‏ بمعنى أنه يحكم ببطلان العقد ‏(‏والسلطان ولي من لا ولي له‏)‏ ولي امرأة ليس لها ولي خاص قال القاضي‏:‏ هذه الأحاديث صريحة في المنع عن استقلال المرأة بالتزويج وأنها لو زوجت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل وقد اضطرب فيه الحنفية فتارة متجاسرون على الطعن فيها بما لا ينجع ومرة جنحوا إلى التأويل فقوم خصصوا امرأة بالأمة والصغيرة والمكاتبة فأبطلوا به ظهور قصد التعميم بتمهيد أصل فإنه صدر الكلام بأي الشرطية وأكد بما الإبهامية ورتب الحكم على وصف الاستقلال وترتيب الجزاء على الشرط المقتضي مع أن الصغيرة لا تسمى امرأة في عرف أهل اللسان وعقد الصبية غير باطل عندهم بل موقوف على إجازة الولي والأمة لا مهر لها وقد قال‏:‏ فلها المهر والكتابة بالنسبة إلى جنس النساء نادرة فلا يصح قصر العام عليها وقوم أولوا قوله باطل بأنه بصدد البطلان ومصيره إليه بتقدير اعتراض الأولياء عليها إذا زوجت نفسها بغير كفء وذلك مع ما فيه من إبطال قصد التعميم بزيف من وجوه أحدها أنه لا يناسب هذا التأكيد والمبالغة ثانيهما أن المنقول المتعارف في تسميته الشيء باسم ما يؤول إليه تسميته ما يكون المآل إليه قطعاً ‏{‏إنك ميت وإنهم ميتون‏}‏ أو غالباً نحو ‏{‏إني أراني أعصر خمراً ‏}‏ ثالثها أنه لو كان كذلك لاستحق المهر بالعقد لا بالوطء ولذلك قالوا‏:‏ يتقدر المسمى بالوطء ويتشطر بالطلاق قبله وقد علق عليه السلام الاستحقاق على الوطء وجعل الاستحلال علة لثبوته وهو يدل على أن وطء الشبهة يوجب مهر المثل ولم أر أحداً غيرهم من العلماء رخص للمرأة تزويج نفسها مطلقاً وجوزه مالك رضي اللّه عنه للدنيئة دون الشريفة اهـ‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص‏.‏

2964 - ‏(‏أيما رجل نكح امرأة فدخل بها فلا يحل له نكاح ابنتها‏)‏ وإن سفلت ‏(‏فإن لم يكن دخل بها فلينكح ابنتها‏)‏ إن شاء -فقوله ‏"‏فلينكح ابنتها‏"‏ هو للإباحة كما هو ظاهر في هذا الحديث، فقال المناوي‏:‏ إن شاء‏.‏ وليتنبه هنا أنه قد ترد صيغة الأمر للإباحة في أحاديث أخرى، ولكن لا يظهر وجه كونها للإباحة بمثل ما يظهر في هذا الحديث من البداهة‏.‏ فليتنبه من ادعى الاجتهاد بغير حق في تلك الأحاديث الأخرى، فحلل وحرم بحسب ما ظهر لنظره الخاطئ، وليراجع أقوال من شهدت له الأمة قاطبة من المجتهدين‏.‏ دار الحديث‏)‏‏]‏- ‏(‏وأيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل‏)‏ بها ‏(‏فلا يحل له نكاح أمّها‏)‏ أي لا يجوز ولا يصح والفرق أن الرجل يبتلى عادة بمكالمة أمها عقب العقد لترتيب أموره فحرمت بالعقد ليسهل ذلك بخلاف ابنتها أخذ به الجماعة فقالوا‏:‏ إذا دخل بامرأة حرمت عليه بنتها وقال داود‏:‏ لا تحرم إلا إن كانت في حجره‏.‏

- ‏(‏ت عن ابن عمرو‏)‏ ابن العاص ثم قال أعني الترمذي‏:‏ لا يصح من قبل إسناده إنما رواه ابن لهيعة والمثنى بن الصباح وهما يضعفان اهـ-

‏[‏ص 145‏]‏ 2965 - ‏(‏أيما رجل آتاه اللّه علماً‏)‏ تنكيره في حين الشرط يؤذن بالعموم لكل علم ولو غير شرعي لكن خصه جمع منهم الحليمي بالشرع ومقدماته ‏(‏فكتمه‏)‏ عن الناس عند الحاجة إليه ‏(‏ألجمه اللّه يوم القيامة بلجام من نار‏)‏ -لما لجم لسانه عن قول الحق والإخبار عن العلم والإظهار له عوقب في الآخرة بلجام من نار قال العلقمي‏:‏ وهذا خرج على معنى مشاكة العقوبة للذنب وهذا في العلم الذي يتعين عليه كمن رأى كافراً يريد الإسلام يقول علموني ما الإسلام وما الدين وكيف أصلي وكمن جاء مستفتياً في حلال أو حرام فيلزم أن يجاب السائل ويترتب على منعه الوعيد والعقوبة وليس الأمر كذلك ونوافل العلم الذي لا ضرورة بالناس إلى معرفتها- شبه ما جعل من النار في فم الكاتم باللجام تشبيهاً بليغاً حيث خص النار وهو الذي أخرجه من باب الاستعارة وهذا وعيد شديد سيما إن كان الكتم لغرض فاسد من تسهيل على الظلمة وتطييب نفوسهم واستجلاب لمسارهم أو لجر منفعة أو حطام دنيا أو لتقيه مما لا دليل عليه ولا أمارة أو لبخل بالعلم ومن ثم قال عليّ كرم اللّه وجهه ما أخذ اللّه على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن مسعود‏)‏ ورواه عنه في الأوسط أيضاً قال الهيثمي‏:‏ وفي سند الأوسط النضر بن سعيد ضعفه العقيلي وفي سند الكبير سواد بن مصعب وهو متروك اهـ والحديث أخرجه ابن الجوزي في العلل عن ابن مسعود من عدة طرق وطعن فيه بما محصوله أن فيه جماعة ما بين ضعيف ومتروك وكذاب‏.‏

2966 - ‏(‏أيما رجل حالت شفاعته دون حد من حدود اللّه تعالى لم يزل في سخط اللّه‏)‏ أي غضبه ‏(‏حتى ينزع‏)‏ أي يقلع ويترك وهذا وعيد شديد على الشفاعة في الحدود أي إذا وصلت إلى الإمام وثبتت كما يفيده أخبار آخر وإلا فالستر أفضل ‏(‏وأيما رجل شد غضباً‏)‏ أي شد طرفه أي بصره بالغضب -ويحتمل أن يكون المعنى اشتد غضبه- ‏(‏على مسلم في خصومة لا علم له بها فقد عاند اللّه حقه وحرص على سخطه وعليه لعنة اللّه المتتابعة إلى يوم القيامة‏)‏ لأنه بمعاندة اللّه صار ظالماً وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏ألا لعنة اللّه على الظالمين‏}‏ وأصل اللعنة الطرد لكن المراد به هنا في وقت أو حال أو الشخص أو على صفة أو نحو ذلك ‏(‏وأيما رجل أشاع على رجل مسلم‏)‏ أي أظهر عليه ما يعيبه ‏(‏بكلمة وهو منها بريء يشينه بها -قال في المصباح‏:‏ شانه شيناً من باب عاب عابه والشين خلاف الزين-‏)‏ أي فعل ما فعل بقصد أن يشينه أي يعيبه أو يعيره بها ‏(‏في الدنيا‏)‏ بين الناس ‏(‏كان حقاً على اللّه أن يذيبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بإنفاذ ما قال‏)‏ وليس بقادر على إنفاذه فهو كناية عن دوام تعذيبه بها من قبيل الخبر المار، كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين -لعله خرج مخرج الزجر عن هذه الخصلة- ومن قبيل قوله للمصورون أحيوا ما خلقتم‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي الدرداء‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه من لم أعرفه وقال المنذري‏:‏ لا يحضرني الآن حال إسناده‏.‏

2967 - ‏(‏أيما رجل ظلم شبراً من الأرض‏)‏ ذكر الشبر إشارة إلى استواء القليل والكثير في الوعيد ‏(‏كلفه اللّه أن يحفره ‏[‏ص 146‏]‏ حتى يبلغ أخر سبع أرضين‏)‏ بفتح الراء وتسكن ‏(‏ثم يطوقه‏)‏ بضم أوله على البناء للمجهول وفي رواية فإنه يطوقه ‏(‏يوم القيامة‏)‏ أي يكلف نقل الأرض الذي أخذها ظلماً إلى المحشر وتكون كالطوق في عنقه لا أنه طوق حقيقة أو معناه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين فتكون كل أرض حالتئذ كالطوق في عنقه الظلم المذكور لازم له في عنقه لزوم الطوق وبالأول جزم القشيري وصححه البغوي ولا مانع أن نتنوع هذه الصفات لهذا الجاني أو تنقسم أصحاب هذه الجناية فيعذب بعضهم بهذا وبعضهم بهذا بحسب قوة المفسدة وضعفها ذكره ابن حجر رحمه اللّه تعالى ويستمر كذلك ‏(‏حتى يقضى بين الناس‏)‏ ثم يصير إلى الجنة أو إلى النار بحسب إرادة العزيز الجبار وهذا وعيد شديد للغاصب قاطع بأن الغضب من أكبر الكبائر -وهذا إن لم يحصل عفو من المغصوب منه ولم يفعل الغاصب ما يكفر التبعات-

‏(‏طب‏)‏ وكذا في الصغير ‏(‏عن يعلى بن مرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً أحمد بعدة أسانيد قال الهيثمي‏:‏ ورجال بعضها رجال الصحيح ورواه عنه أيضاً ابن حبان من هذا الوجه وكان ينبغي للمؤلف عزوه له ولأحمد فإنهما مقدمان عندهم على العزو للطبراني‏.‏

2968 - ‏(‏أيما ضيف نزل بقوم فأصبح الضيف محروماً‏)‏ من الضيافة أي لم يطعمه القوم تلك الليلة ‏(‏فله أن يأخذ‏)‏ من مالهم ‏(‏بقدر قراه‏)‏ أي ضيافته أي بقدر ما يصرف في ثمن طعام يشبعه ليلته ‏(‏ولا حرج عليه‏)‏ في ذلك الأخذ قال الطيبي‏:‏ وقوله فأصبح الضيف مظهر أقيم مقام المضمر إشعاراً بأن المسلم الذي ضاف قوماً يستحق لذاته أن يقرى فمن منع حقه فقد ظلمه فحق لغيره من المسلمين نصره وأخذ بظاهره أحمد فأوجب الضيافة وأن الضيف يستقل بأخذ ما يكفيه بغير رضى من نزل عليه أو على نحو بستانه أو زرعه وحمله الجمهور على أنه كان في أول الإسلام فإنها كانت واجبة حين إذ كانت المواساة واجبة فلما ارتفع وجوب المواساة ارتفع وجوب الضيافة أو على التأكيد كما في غسل الجمعة واجب فلما ارتفع وجود الاستقلال بالأخذ على المضطر لكنه يعزم بدله أو بعد على مال أهل الذمة المشروط عليهم ضيافة من نزل بهم لأدلة أخرى كخبر لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس وأما قول بعض المالكية المراد أن له أن يأخذ من عرضهم بلسانه ويذكر للناس عيوبهم فعورض بأن من الأخذ العرض والتحدث بالعيب عيب ندب الشارع إلى تركه لا إلى فعله واستدل بالخبر على مسألة الظفر‏.‏

- ‏(‏ك عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً أحمد باللفظ المزبور قال الهيثمي كالمنذري ورجاله ثقات ورواه أبو داود عن المقدام بلفظ أيما رجل ضاف قوماً فأصبح محروماً والباقي سواء‏.‏

2969 - ‏(‏أيما نائحة‏)‏ أي امرأة نائحة ‏(‏ماتت قبل أن تتوب ألبسها اللّه سربالاً‏)‏ وقد تطلق السرابيل على الدروع ‏(‏من نار وأقامها للناس يوم القيامة‏)‏ لتشتهر في عرصات القيامة بين أهل ذلك الموقف الأعظم فالنوح حرام شديد التحريم‏.‏

- ‏(‏ع عد ك عن أبي هريرة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ سنده حسن‏.‏

‏[‏ص 147‏]‏ 2970 - ‏(‏أيما امرأة نزعت ثيابها‏)‏ أي قلعت ما يسترها منها ‏(‏في غير بيتها‏)‏ أي محل سكنها ‏(‏خرق اللّه عز وجل عنها ستره‏)‏ لأنها لما لم تحافظ على ما أمرت به من التستر عن الأجانب جوزيت بذلك والجزاء من جنس العمل والظاهر أن نزع الثياب عبارة عن تكشفها للأجنبي لينال منها الجماع أو مقدماته بخلاف ما لو نزعت ثيابها بين نساء مع المحافظة على ستر العورة إذ لا وجه لدخولها في هذا الوعيد‏.‏

- ‏(‏حم طب ك هب عن أبي أمامة‏)‏

2971 - ‏(‏أيما امرأة استعطرت‏)‏ أي استعملت العطر أي الطيب يعني ما يظهر ريحه منه ‏(‏ثم خرجت‏)‏ من بيتها ‏(‏فمرت على قوم‏)‏ من الأجانب ‏(‏ليجدوا ريحها‏)‏ أي بقصد ذلك ‏(‏فهي زانية‏)‏ أي كالزانية في حصول الإثم وإن تفاوت لأن فاعل السبب كفاعل المسبب قال الطيبي‏:‏ شبه خروجها من بيتها متطيبة مهيجة لشهوات الرجال التي هي بمنزلة رائد الزنا بالزنا مبالغة وتهديداً وتشديداً عليها ‏(‏وكل عين زانية‏)‏ أي كل عين نظرت إلى محرم من امرأة أو رجل فقد حصل لها حظها من الزنا إذ هو حظها منه وأخذ بعض المالكية من الحديث حرمة التلذذ بشم طيب أجنبية لأن اللّه إذا حرم شيئاً زجرت الشريعة عما يضارعه مضارعة قريبة وقد بالغ بعض السلف في ذلك حتى كان ابن عمر رضي اللّه عنه ينهى عن القعود بمحل امرأة قامت عنه حتى يبرد أما التطيب والتزين للزوج فمطلوب محبوب قال بعض الكبراء تزيين المرأة وتطيبها لزوجها من أقوى أسباب المحبة والألفة بينهما وعدم الكراهة والنفرة لأن العين رائد القلب فإذا استحسنت منظراً أوصلته إلى القلب فحصلت المحبة وإذا نظرت منظراً بشعاً أو ما لا يعجبها من زي أو لباس تلقيه إلى القلب فتحصل الكراهة والنفرة ولهذا كان من وصايا نساء العرب لبعضهن إياك أن تقع عين زوجك على شيء لا يستملحه أو يشم منك ما يستقبحه‏.‏

- ‏(‏حم ن ك‏)‏ في التفسير ‏(‏عن أبي موسى‏)‏ الأشعري قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وأقول فيه عند الأولين ثابت بن عمارة أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال‏:‏ قال أبو حاتم‏:‏ ليس بالمتين عندهم ووثقه ابن معين‏.‏

2972 - ‏(‏أيما رجل أعتق غلاماً ولم يسم‏)‏ في العتق ‏(‏ماله‏)‏ يعني ما في يده من كسبه وإضافته إليه إضافة اختصاص لا تمليك ‏(‏فالمال له‏)‏ أي للغلام يعني ينبغي لسيده أن يسمح له به منحة منه وتصدقاً عليه بما في يديه ليكون إتماماً للصنيعة وزيادة لنعمة الإعتاق ذكره ابن الكمال وغيره‏.‏

- ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏

2973 - ‏(‏أيما امرئ‏)‏ بكسر الراء ‏(‏ولي من أمر المسلمين شيئاً لم يحطهم‏)‏ بفتح فضم أي يكلؤهم ويحفظهم ويصونهم ويذب عنهم والاسم الحياطة يقال حاطه إذا استولى عليه ‏(‏بما يحوط به نفسه‏)‏ أي بالذي يحفظ به نفسه ويصونها فالمراد لم يعاملهم بما يحب أن يعامل به نفسه من نحو بذل ونصح ونفقة وغيرها ‏(‏لم يرح رائحة الجنة‏)‏ حين يجد ‏[‏ص 148‏]‏ ريحها الإمام العادل الحافظ لما استحفظ لا أنه لم يجده أبداً قال الحرالي‏:‏ والولاية القيام بالأمر عن وصلة واصلة قال أبو مسلم الخولاني لمعاوية‏:‏ لا تحسب أن الخلافة جمع المال وتفريقه إنما هي القول بالحق والعمل بالمعدلة وأخذ الناس في ذات اللّه وقال العارف ابن عربي‏:‏ الإمارة ابتلاء لا تشريف ولو كانت تشريفاً بقيت مع صاحبها في الآخرة في دار السعداء ولو كانت تشريفاً ما قيل له ولا تتبع الهوى فحجر عليه والتحجير ابتلاء والتشريف إطلاق ويتحكم في العالم من أسعده اللّه به ومن أشقاه من المؤمنين ومع ذلك أمر بالحق أن يسمع له ويطيع وهذه حالة ابتلاء لا شرف فإنه في حركاته فيها على حذر وقدم غرور ولهذا تكون يوم القيامة ندامة‏.‏

- ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قضية كلام المصنف أن العقيلي خرَّجه ساكتاً عليه والأمر بخلافه فإنه ساقه من حديث إسماعيل بن شبيب الطائفي وقال‏:‏ أحاديثه مناكير غير محفوظة وأقره عليه في اللسان‏.‏

2974 - ‏(‏أيما رجل عاهر‏)‏ العاهر الزاني وعهر إلى المرأة أتاها ليلاً للفجور بها غلب على الزنى مطلقاً ‏(‏بحرة أو أمة‏)‏ يعني زنى بها فحملت ‏(‏فالولد ولد زنا لا يرث ولا يورث‏)‏ لأن الشرع قطع الوصلة بينه وبين الزاني قريب له إلا من قبل أمه وماء الزنا لا حرمة له مطلقاً ولا يترتب عليه شيء من أحكام التحريم والتوارث ونحوهما عند الشافعية‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الفرائض من حديث ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه ‏(‏عن‏)‏ جده ‏(‏ابن عمرو‏)‏ بن العاصي قال الترمذي‏:‏ والعمل على هذا عند أهل العلم‏.‏

2975 - ‏(‏أيما مسلم شهد له أربعة‏)‏ من المسلمين وفي رواية أربعة نفر أي رجال ‏(‏بخير‏)‏ بعد موته من الصحابة أو من غيرهم فمن اتصف بالعدالة لا نحو فاسق ومبتدع ‏(‏أدخله اللّه الجنة‏)‏ أي مع السابقين والأولين أو من غير سبق عذاب وإلا فمن مات على الإسلام دخلها ولا بد شهد له أحد أم لا قال الراوي‏:‏ فقلنا أو ثلاثة قال‏:‏ ‏(‏أو ثلاثة‏)‏ فقلنا‏:‏ أو اثنان قال‏:‏ ‏(‏أو اثنان‏)‏ قال‏:‏ ثم لم نسأله عن الواحد أي استبعاداً للاكتفاء في مثل هذا المقام العظيم بأقل من نصاب وترك الشق الثاني وهو الشهادة بالشر لفهمه حكمه بالقياس على الخير أو اختصاراً قال النووي‏:‏ من مات فألهم اللّه الناس بالثناء عليه بخير كان دليلاً على كونه من أهل الجنة سواء اقتضته أفعاله أم لا فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة وهذا الإلهام يستدل به على تعيينها وبه تظهر فائدة الثناء‏.‏

- ‏(‏حم خ‏)‏ في الجنائز والشهادات ‏(‏ن عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ولم يخرجه مسلم‏.‏

2976 - ‏(‏أيما صبي‏)‏ أو صبية ‏(‏حج‏)‏ حال صباه ‏(‏ثم بلغ الحنث‏)‏ بسن أو احتلام ‏(‏فعليه أن يحج حجة أخرى‏)‏ يعني يلزمه ذلك ‏(‏وأيما أعرابي حج‏)‏ قبل أن يسلم ‏(‏ثم‏)‏ أسلم و ‏(‏هاجر‏)‏ من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام ‏(‏فعليه أن يحج حجة أخرى‏)‏ أي يلزمه الحج بإسلامه في استطاعته وإن لم يهاجر ‏(‏وأيما عبد‏)‏ أي قن أو أمة ‏(‏حج‏)‏ حال رقه ‏(‏ثم أعتق‏)‏ أي أعتقه سيده ‏(‏فعليه أن يحج حجة أخرى‏)‏ أي يلزمه الحج بعد مصيره حراً قال الذهبي في المهذب‏:‏ كأنه أراد بهجرته إسلامه كما تقرر وفيه أنه يشترط لوقوع الحج عن فرض الإسلام البلوغ والحرية فلا يجزئ حج الطفل والرقيق إن كملا بعده وعليه الشافعي نعم إن كملا قبل الوقوف أو طواف العمرة أو في أثنائه أجزأهما وأعاد السعي‏.‏

- ‏(‏خط‏)‏ في التاريخ ‏(‏والضياء‏)‏ المقدسي في المختارة ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ وظاهر صنيع المصنف أن الخطيب خرجه ساكتاً عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله ‏[‏ص 149‏]‏ لم يرفعه إلا زيد بن زريع عن شعبة وهو غريب اهـ قال ابن حجر‏:‏ تفرد برفعه محمد المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة عن الأعمش عنه وأخرجه ابن عدي وقال‏:‏ إن يزيد بن زريع سرقه من محمد بن منهال اهـ‏.‏ ورواه الطبراني في الأوسط قال الهيثمي‏:‏ ورجاله رجال الصحيح اهـ فلو عزاه المصنف له لكان أولى‏.‏

2977 - ‏(‏أيما مسلمين التقيا‏)‏ في نحو طريق ‏(‏فأخذ أحدهما بيد صاحبه‏)‏ أي أخذه يده اليمنى بيده اليمنى ‏(‏وتصافحا‏)‏ ولو من فوق ثوب والأكمل بدونه ‏(‏وحمدا اللّه‏)‏ أي اثنيا عليه وزاد قوله ‏(‏جميعاً‏)‏ للتأكيد ‏(‏تفرقا وليس بينهما خطيئة‏)‏ ظاهره يشمل الكبائر وقياس نظائره قصره على الصغائر‏.‏

- ‏(‏حم والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن البراء‏)‏ بن عازب قال أبو داود‏:‏ لقيني البراء فأخذ بيدي وصافحني وضحك في وجهي ثم قال‏:‏ تدري لم أخذت بيدك‏؟‏ قلت‏:‏ لا إلا أني ظننت أنك لم تفعله إلا لخير فقال‏:‏ إن النبي صلى اللّه عليه وسلم لقيني ففعل بي ذلك ثم ذكره‏.‏

2978 - ‏(‏أيما امرئ من المسلمين حلف عند منبري هذا على يمين كاذبة يستحق بها حق مسلم أدخله اللّه النار وإن كان على سواك أخضر‏)‏ قال العكبري‏:‏ تقديره وإن حلف على سواك فحذف لدلالة الأولى عليه وعلى في قوله على يمين زائدة أي حلف يميناً، وفي ذكر المنبر زيادة في التأكيد قال الرافعي‏:‏ وهذا إشارة إلى أن اليمين يغلظ بالمكان كما يغلظ بالزمان قال النووي‏:‏ ودخل في قوله حق مسلم نحو جلد ميتة وسرجين وسائر الاختصاصات وكذا كل حق ليس بمال كحد قذف‏.‏

- ‏(‏حم عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه‏.‏

- ‏(‏أيما امرئ اقتطع حق امرئ مسلم‏)‏ أي ذهب بطائفة منه ففصلها عنه يقال اقتطعت من الشيء قطعة فصلتها ‏(‏بيمين كاذبة كانت له نكتة‏)‏ والنكتة في الشيء كالنقطة والجمع نكت ونكات مثل برمة وبرم وبرام ونكات الضم عامي ‏(‏سوداء من نفاق في قلبه لا يغيرها شيء إلى يوم القيامة‏)‏ فإن لم يدركه العفو أدخل النار حتى تنجلي تلك النكتة ويكون فيها حتى يطهر من درنه ويصلح لجوار الرحمن في الجنان‏.‏

- ‏(‏الحسن بن سفيان طب ك عن ثعلبة‏)‏ بلفظ الحيوان المشهور ابن وديعة ‏(‏الأنصاري‏)‏ قيل‏:‏ هو أحد الستة الذين تخلفوا عن تبوك قال الذهبي‏:‏ وذلك ضعيف‏.‏

2979 - ‏(‏أيما عبد‏)‏ يعني قنّ ولو أمة قال ابن حزم‏:‏ لفظ العبد لغة يتناول الأمة لكن في الفتح فيه نظر ولعله أراد المملوك وقال القرطبي‏:‏ العبد اسم للملوك الذكر بأصل وضعه والأمة اسم لمؤنثه بغير لفظه ومن ثم قال إسحاق‏:‏ إن هذا الحكم لا يشمل الأنثى وخالفه الجمهور فلم يفرقوا في الحكم بين الذكر والأنثى إما لأن لفظ العبد يراد به الجنس كقوله تعالى ‏{‏إلا آتي الرحمن عبدا‏}‏ فإنه يتناول الذكر والأنثى قطعاً وإما بطريق الإلحاق لعدم الفارق وقد قال إمام الحرمين‏:‏ إدراك كون الأمة في هذا الحكم كالعبد حاصل للسامع قبل التفطن لوجه الجمع والفرق ‏(‏كوتب على مئة اوقية‏)‏ مثلاً ورواية الحاكم كوتب على ألف أوقية ‏(‏فأداها إلا عشرة أواق‏)‏ في نسخ أواقيَّ بشد الياء وقد تخفف جمع أوقية بضم الهمزة وشد الياء معروفة ‏(‏فهو عبد وأيما عبد كوتب على مئة دينار فأدَّاها إلا عشرة دنانير فهو عبد‏)‏ المراد أنه أدَّى مال الكتابة إلا شيئاً قليلاً بدليل الخبر الآتي ‏[‏ص 150‏]‏ المكاتب عبد ما بقي عليه درهم فلا يعتق إلا بأداء جميع ما عدا القدر الذي يجب حطه عنه وهذا مذهب الجمهور ونقل عن علي كرم اللّه وجهه أنه يعتق عنه بقدر ما أدّى والمكاتب بالفتح من تقع له الكتابة وبالكسر من تقع منه وكاف الكتابة تكسر وتفتح كعين العتاقة قال الراغب‏:‏ اشتقاقها من كتب بمعنى أوجب ومنه ‏{‏كتب عليكم الصيام‏}‏ أو جمع وضم ومنه كتب الخط وعلى الأول مأخذها من الالتزام وعلى الثاني من الخط لوجوده عند عقدها غالباً‏.‏ قال الروياني‏:‏ وهي إسلامية ونوزع بأنها كانت متعارفة في الجاهلية وأقرها الشارع وأحسن تعاريفها أنها تعليق عتق بصفة على معاوضة مخصوصة‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ في العتق والكتابة ‏(‏ه‏)‏ في الأحكام كلهم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد اللّه ‏(‏بن عمرو‏)‏ بن العاص ورواه الحاكم باللفظ وصححه وأقره الذهبي‏.‏

2980 - ‏(‏أيما رجل مسلم‏)‏ وفي رواية الاقتصار على رجل وفي أخرى على مسلم ‏(‏أعتق رجلاً مسلماً‏)‏ لوجه اللّه تعالى خالصاً ‏(‏فإن اللّه تعالى جاعل وقاء كل عظم‏)‏ بكسر الواو وتخفيف القاف، والوقاية ما يصون الشيء ويستره عما يؤذيه ‏(‏من عظامه‏)‏ أي العتيق ‏(‏عظماً من عظام محرره‏)‏ بضم الميم وفتح الراء المشددة أي من عظام القنّ الذي حرره ‏(‏من النار‏)‏ نار جهنم جزاءاً وفاقاً ‏(‏وأيما امرأة مسلمة‏)‏ أعتقت امرأة معلمة لوجه اللّه تعالى ‏(‏فإن اللّه جاعل وقاء كل عظم من عظامها عظماً من عظام محررها‏)‏ بفتح الراء المشددة ‏(‏من النار يوم القيامة‏)‏ فاستفدنا أن الأفضل للذكر عتق الذكر وللأنثى الأنثى وعتق الذكر أفضل من عتق الأنثى خلافاً لمن عكس محتجاً بأن عتقها يستدعي صيرورة ولدها حراً سواء تزوجها حر أو عبد بخلاف الذكر وعورض بأن عتق الأنثى غالباً يستلزم ضياعها وبأن في عتق الذكر من المعاني العامة ما ليس في الأنثى لصلاحيته للقضاء وغيره مما لا يصلح له الإناث وفي قوله إن اللّه جاعل وقاء كل عظم إلى آخره إيماء إلى أنه ينبغي أن لا يكون في الرقبة نقص ليحصل الاستيعاب وأنه ينبغي للفحل عتق فحل لينال المعنى المعهود في عتق جميع أعضائه وقول الخطابي هو نقص مجبور إذ الخصي ينتفع به فيما لا ينتفع بالفحل استنكره النووي وغيره والكلام في الأولوية‏.‏

- ‏(‏د حب عن أبي نجيح‏)‏ بفتح النون ‏(‏السلمي‏)‏ وأبو نجيح السلمي في الصحابة اثنان أحدهما عمرو بن عبسة والآخر العرباض بن سارية فكان ينبغي تمييزه قال ابن حجر‏:‏ إسناده صحيح ومثله للترمذي من حديث أبي أمامة وللطبراني من حديث عبد الرحمن بن عوف ورجاله ثقات‏.‏

2981 - ‏(‏أيما أمة ولدت من سيدها‏)‏ أي وضعت منه ما فيه صورة خلق آدمي ‏(‏فإنها‏)‏ ينعقد لها سبب العتق وتكون ‏(‏حرة إذا مات‏)‏ السيد ‏(‏إلا أن يعتقها قبل موته‏)‏ فإنها تصير حرة بالعتق ولا يتوقف عتقها على موته‏.‏

- ‏(‏ه ك عن ابن عباس‏)‏ قال ابن حجر رحمه اللّه تعالى‏:‏ له طرق عند ابن ماجه وأحمد والدارقطني والحاكم والبيهقي وفيه الحسين بن عبد اللّه الهاشمي ضعيف جداً اهـ‏.‏ ورد الذهبي تصحيح الحاكم له بأن حسيناً هذا متروك وممن تعقبه عبد الحق وتبعه في المنار وغيره‏.‏

2982 - ‏(‏أيما قوم جلسوا فأطالوا الجلوس‏)‏ وأكثروا اللغط ‏(‏ثم تفرقوا قبل أن يذكروا اللّه‏)‏ بأي صيغة كانت من صيغ ‏[‏ص 151‏]‏ الذكر ‏(‏أو يصلوا على نبيه‏)‏ محمد صلى اللّه عليه وسلم كذلك وفيه تلميح إلى قوله تعالى ‏{‏ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا اللّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللّه تواباً رحيماً‏}‏ ‏(‏كانت عليهم ترة-قوله ترة بالنصب خبر لكان وأنها ضمير يرجع للجلوس المفهوم من جلسوا- من اللّه‏)‏ أي نقص وتبعة وحسرة وندامة لتفرقهم ولم يأتوا بما يكفر لفظهم من حمد اللّه والصلاة على نبيه محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم وهاء ترة عوض عن واوه المتروكة كواو عدة وسعة ‏(‏إن شاء‏)‏ أي اللّه ‏(‏عذبهم‏)‏ لتركهم كفارة المجلس ‏(‏وإن شاء غفر لهم‏)‏ فضلاً وطولاً منه تعالى ورحمة لهم ‏{‏إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء‏}‏‏.‏

- ‏(‏ك عن أبي هريرة‏)‏ وقال صحيح وأقره الذهبي‏.‏

2983 - ‏(‏أيما امرأة توفي عنها زوجها‏)‏ أي مات وهي في عصمته ‏(‏فتزوجت بعده فهي‏)‏ أي فتكون هي في الجنة زوجة ‏(‏لآخر أزواجها‏)‏ -‏[‏ولا يعارض هذا الحديث بالحديثين التاليين لضعفهما‏:‏ ورد في حديث طويل‏:‏ ‏"‏يا أم سلمة إنها تخير فتختار أحسنهم خُلُقا‏"‏ - بضم الخاء واللام - ، قال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني وفيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدي‏.‏ وورد حيث مثله عن أنس، خاطب فيه النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة، وقال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني والبزار باختصار وفيه عبيد بن إسحاق وهو متروك وقد رضيه أبو حاتم، وهو أسوأ أهل الإسناد حالا ويمكن الجمع بين الأحاديث الثلاثة بأنها تكون لآخر أزواجها إذا تساووا في الخلق، وإلا فتختار أحسنهم خلقا‏؟‏‏؟‏، والله أعلم‏.‏ دار الحديث‏]‏- في الدنيا قالوا وهذا هو أحد الأسباب المانعة من نكاح زوجات النبي صلى اللّه عليه وسلم بعده لما أنه سبق أنَّهنَّ زوجاته في الجنة‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي الدرداء‏)‏ وأصله أنَّ معاوية خطب أم الدرداء بعد موت أبي الدرداء فقالت‏:‏ سمعته يقول‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ أيما امرأة إلخ وما كنت لأختار على أبي الدرداء فكتب إليها معاوية فعليك بالصوم فإنه محسمة قال الهيثمي‏:‏ فيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط‏.‏

2984 - ‏(‏أيما رجل ضاف قوماً‏)‏ أي نزل بهم ضيفاً ‏(‏فأصبح الضيف محروماً‏)‏ من القرى بأن لم يقدموا له عشاء تلك الليلة ‏(‏فإن نصره‏)‏ بفتح النون نصرته وإعانته على أداء حقه ‏(‏حق على كل مسلم‏)‏ أي مستحقة على كل من علم بحاله من المسلمين ‏(‏حتى يأخذ بقرى ليلته‏)‏ أي بقدر ما يصرفه في عشائه تلك الليلة أي ليلة واحدة كما في رواية أحمد والحاكم ‏(‏من زرعه وماله‏)‏ ويقتصر على ما يشد الرمق أي بشين معجمة بقية الروح أو مهملة أي بسد الخلل الحاصل من الجوع قال الطيبي‏:‏ وأفرد الضمير فيهما باعتبار المنزل عليه والمضيف وهو واحد ثم هذا في المضطر أو في أهل الذمة المشروط عليهم ضيافة المارة-وقال العلقمي‏:‏ قال شيخنا‏:‏ هذه الأحاديث كانت في أول الأمر حين كانت الضيافة واجبة وقد نسخ وجوبها وقد أشار إليه أبو داود بقوله باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره- ‏(‏حم د ك‏)‏ في الأطعمة ‏(‏عن المقدام‏)‏ بن معد يكرب قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وقال ابن حجر‏:‏ إسناده على شرط الصحيح‏.‏

2985 - ‏(‏أيما رجل كشف ستراً‏)‏ أي أزاله أو نحاه ‏(‏فأدخل بصره‏)‏ يعني نظر إلى ما وراء الستر من حرم أو غيرهن ‏(‏من قبل أن يؤذن له‏)‏ في الدخول ‏(‏فقد أتى حداً لا يحل أن يأتيه‏)‏ أي فيحرم عليه ذلك ‏(‏ولو أن رجلاً‏)‏ من أصحاب ما وراء المكشوف من الستر ‏(‏فقأ عينه‏)‏ أي الناظر أي قذفه بنحو حصاة فقلع عينه ‏(‏لهدرت‏)‏ أي عينه فلا يضمنها الرامي وفيه حجة للشافعي أن من نظر من نحو كوة أو شق إلى بيت لا محرم له فيه فرماه صاحب البيت فقلع عينه هدر وأوجب أبو حنيفة الضمان ‏(‏ولو أن رجلاً مر على باب‏)‏ أي منفذ نحو بيت ‏(‏لا سترة عليه‏)‏ أي ليس عليه باب ‏[‏ص 152‏]‏ من نحو خشب يستر ما وراءه عن العيون ‏(‏فرأى عورة أهله‏)‏ من الباب ‏(‏فلا خطيئة عليه إنما الخطيئة على أهل الباب‏)‏ في تركهم ما أمروا به من الستر وقلة مبالاتهم باطلاع الأجانب على عوراتهم وفي نسخ بدل الباب البيت وهي أقعد قال الزين العراقي‏:‏ فيه أنه يحرم النظر في بيت غيره المستور بغير إذنه ولو ذمياً وأنه يحرم الدخول بطريق أولى‏.‏

- ‏(‏حم ت عن أبي ذر‏)‏ ظاهر صنيع المصنف أن كلاً منهما روى الكل والأمر بخلافه فإن الترمذي لم يرو إلا بعضه وتمامه عند أحمد وقال الهيثمي كالمنذري ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو حسن الحديث وفيه ضعف‏.‏

2986 - ‏(‏أيما وال ولي من أمر المسلمين شيئاً‏)‏ أي ولم يعدل فيهم ‏(‏وقف به على جسر جهنم‏)‏ يحتمل أنه أراد به الصراط ويحتمل غيره والواقف به بعض الملائكة أو الزبانية ‏(‏فيهتز به الجسر حتى يزول كل عضو‏)‏ منه عن مكانه الذي هو فيه فيقع في جهنم عضواً عضواً فعلى الإمام أن يقاسي النظر في أمر رعيته بظاهره وباطنه قال عمر‏:‏ إن نمت الليل لأضيعن نفسي وإن نمت النهار لأضيعن الرعية فكيف بالنوم بين هاتين‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن بشر‏)‏ بكسر الموحدة وسكون المعجمة ‏(‏ابن عاصم‏)‏ بن سفيان السقفي وقيل المخزومي‏.‏

2987 - ‏(‏أيما راع غش رعيته‏)‏ أي مرعيته يعني خانهم ولم ينصح لهم ‏(‏فهو في النار‏)‏ أي يعذب بنار جهنم شاء اللّه أن يعذبه قال الزمخشري‏:‏ والراعي القائم على الشيء بحفظ وإصلاح كراعي الغنم وراعي الرعية ويقال من راعى هذا الشيء أي متوليه وصاحبه والرعي حفظ الشيء لمصلحته وذهب جمهور الصوفية إلى أن المراد بالراعي في هذا الخبر وما أشبهه كخبر كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته هو الروح الإنساني ورعية جوارحه فيجب أن يسلك بها في التخلية والتحلية أعدل المسالك وأن يعدل في مملكة وجودها لأنها بحسب الصورة هي المملكة وسلطان صولتها هو المالك ومرادهم بعدلها أن يستعمل كل جارحة فيما طلب منها شرعاً على جهة الرفق والاقتصاد وأن يبدل كل خلق ذميم بخلق حميد قويم بناء على أن الخلق يقبل التغيير وهو القول المنصور اهـ‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن معقل‏)‏ بفتح الميم وسكون المهملة ‏(‏ابن يسار‏)‏ ضد اليمين‏.‏

2988 - ‏(‏أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه‏)‏ أي ساداته ‏(‏فهو زان‏)‏ وفي رواية للترمذي فهو عاهر وهذا نص صريح في بطلان نكاحه بغير إذن سيده وإن أجازه بعد وهو مذهب الشافعي إذ لم يقل في الخبر إلا أن يجيزه السيد‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وفيه مندل بن علي وهو ضعيف وقال أحمد‏:‏ حديث منكر وصوب الدارقطني وقفه ورواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه بلفظ أيما مملوك نكح بغير إذن مولاه فهو عاهر وفي رواية للترمذي فنكاحه باطل‏.‏

2989 - ‏(‏أيما امرأة مات لها ثلاثة‏)‏ وفي رواية ثلاث ‏(‏من الولد‏)‏ بفتحتين يشمل الذكر والأنثى وخص الثلاثة لأنها ‏[‏ص 153‏]‏ أول مراتب الكثرة ‏(‏كن‏)‏ في رواية كانوا أي الثلاث ‏(‏لها‏)‏ وأنث باعتبار النفس أو النسمة وهو بضم الكاف وشد النون والولد يشمل الذكر والأنثى والمفرد والجمع ويخرج السقط لكن فيه حديث مرّ ‏(‏حجاباً من النار‏)‏ أي نار جهنم وتمام الحديث عند البخاري نفسه قالت امرأة‏:‏ واثنان قال‏:‏ واثنان هذا لفظه وكأنه أوحى إليه به حالاً ولا يبعد أن ينزل عليه الوحي في أسرع من طرفة عين أو كان عنده علم به لكن أشفق عليهم أن يتكلموا فلما سئل لم يكن بد من الجواب وظاهره حصول الثواب الموعود وإن لم يقاربه صبر ويصرح به خبر الطبراني من مات له ولد ذكر أو أنثى سلم أو لم يسلم رضي أو لم يرض صبر أو لم يصبر لم يكن له ثواب دون الجنة اهـ قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات إلا عمرو بن خالد فضعيف‏.‏

- ‏(‏خ عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال النساء للنبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ اجعل لنا يوماً فوعظهن فذكره وفي أخرى قالت امرأة‏:‏ واثنان قال‏:‏ واثنان‏.‏

2990 - ‏(‏أيما رجل مس فرجه‏)‏ أي ذكر نفسه ببطن كفه أو حلقة دبره فالمس عام مخصوص كما سيأتي بيانه ‏(‏فليتوضأ‏)‏ وجوباً حيث لا حائل لانتقاض طهره بمسه ‏(‏وأيما امرأة مست فرجها‏)‏ أي ملتقى المنفد من قبلها أو حلقة دبرها ببطن كفها ‏(‏فلتتوضأ‏)‏ وجوباً لبطلان طهرها به وإذا كان كذلك فمس فرج غيره أفحش وأبلغ في اللذة فهو أولى بالنقض وبهذا أخذ الشافعية والحنابلة وخالف الحنفية وسيأتي تقريره‏.‏

- ‏(‏حم قط عن عمرو‏)‏ بن العاص وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال الذهبي في التنقيح‏:‏ وإسناده قوي وقال ابن حجر رحمه اللّه رجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فقيل عنه هكذا وقيل عن المثنى بن الصباح عنه عن سعيد بن المسيب عن بسرة بنت صفوان وفي الباب طلق بن علي وغيره‏.‏

2991 - ‏(‏أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلماً فهو فكاكه من النار‏)‏ أي نار جهنم ‏(‏يجزى‏)‏ بضم الياء وفتح الزاي غير مهموز أي ينوب ‏(‏بكل عظم منه عظماً منه‏)‏ حتى الفرج بالفرج كما في رواية ‏(‏وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فهي فكاكها من النار تجزى بكل عظم منها عظماً منها حتى الفرج بالفرج وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين فهما فكاكه‏)‏ بفتح الفاء وتكسر أي كانتا خلاصه ‏(‏من النار يجزى بكل عظمتين منهما عظما منه‏)‏ فأفاد أن عتق العبد يعدل عتق أمتين -قال القاضي‏:‏ اختلف العلماء هل الأفضل عتق الإناث أم الذكور فقال بعضهم الإناث لأنها إذا عتقت كان ولدها حراً سواء تزوجها حر أو عبد وقال آخرون عتق الذكور أفضل لما في الذكر من المعاني العامة التي لا توجد في الإناث كالقضاء والجهاد ولأن من الإناث من إذا عتقت تضيع بخلاف العبيد وهذا القول هو الصحيح- ولهذا كان أكثر عتق النبي صلى اللّه عليه وسلم ذكوراً وهذا تنويه عظيم بفضل العتق لا يساويه فيه غيره إلا قليلاً‏.‏ قال الخطابي رحمه اللّه‏:‏ ويندب أن لا يكون القنّ المعتق ناقصاً عضواً بنحو عور أو شلل بل يكون سليماً لينال معتقه الموعود في عتق أعضائه كلها من النار بإعتاقه إياه من الرق في الدنيا قال‏:‏ وقد يزيد نقص العضو في الثمن كالخصي يصلح لما لا يصلح له الفحل من نحو حفظ الحرم اهـ‏.‏ وأشار به إلى أن النقص المجبور بالمنفعة مغتفر‏.‏

- ‏(‏طب عن ‏[‏ص 154‏]‏ عبد الرحمن بن عوف‏)‏ أحد العشرة المبشرة بالجنة ‏(‏د ه طب عن مرة‏)‏ بفتح الميم ‏(‏ابن كعب‏)‏ بن مرة الفهري ‏(‏ت عن أبي أمامة‏)‏ الباهلي وقال‏:‏ حسن‏.‏

2992 - ‏(‏أيما امرأة زوجها وليان‏)‏ أي أذنت لهما معاً أو أطلقت أو أذنت لأحدهما وقالت‏:‏ زوّجني بزيد وللآخر زوّجني بعمرو ‏(‏فهي‏)‏ زوجة ‏(‏للأول‏)‏ أي السابق ‏(‏منهما‏)‏ ببينة أو تصادق معتبر فإن وقعا معاً أو جهل السبق بطلا معاً ‏(‏وأيما رجل باع بيعاً‏)‏ أي مرتا ‏(‏من رجلين فهو للأول‏)‏ أي فالبيع للسابق ‏(‏منهما‏)‏ فإن وقعا معاً أو جهل السبق بطلا‏.‏

- ‏(‏حم ع ك‏)‏ كلهم في النكاح إلا القزويني ففي التجارة كلهم من حديث الحسن ‏(‏عن سمرة‏)‏ بن جندب وحسنه الترمذي وقال الحاكم على شرط البخاري وأقره الذهبي قال ابن حجر‏:‏ وصحته موقوفة على ثبوت سماع الحسن من سمرة فإن رجاله ثقات‏.‏

2993 - ‏(‏أيما امرأة نكحت‏)‏ أي تزوجت ‏(‏على صداق أو حباء‏)‏ بكسر الحاء المهملة وتخفيف الباء الموحدة والمد‏:‏ أصله العطية وهي المسمى بالحلوان وقيل هو عطية خاصة ‏(‏أو عدة‏)‏ ظاهره أنه يلزمه الوفاء وعند ابن ماجه أو هبة بدل عدة ‏(‏قبل عصمة النكاح‏)‏ أي قبل عقد النكاح ‏(‏فهو لها‏)‏ أي مختص بها دون أبيها لأنه وهب لها قبل العقد الذي شرط فيه لأبيها ما شرط فليس لأبيها حق فيه إلا برضاها ‏(‏وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه‏)‏ أي وما شرط من نحو هبة أو عدة مع عقد النكاح فهو ثابت لمن أعطيه ولا فرق بين الأب وغيره قال الخطابي‏:‏ هذا موكول على ما شرطه الولي لنفسه غير المهر ‏(‏وأحق ما أكرم‏)‏ بضم فسكون فكسر ‏(‏عليه الرجل‏)‏ أي لأجله فعلى للتعليل ‏(‏ابنته -وبهذا قال إسحاق بن راهويه وقد روى عن زين العابدين أنه زوّج ابنته واشترط لنفسه شيئاً وروي عن مسروق أنه لما زوّج ابنته اشترط لنفسه عشرة آلاف درهم يجعلها في الحج والمساكين وقال للزوج‏:‏ جهز امرأتك وقال عطاء وطاوس وعكرمة وعمر بن عبد العزيز وسفيان النووي ومالك في الرجل ينكح المرأة على أن لأبيها شيئاً اتفقا عليه سوى المهر أن ذلك كله للمرأة دون الأب قال أصحابنا‏:‏ ولو نكح بألف على أن لأبيها أو أن يعطي أباها ألفاً فالمذهب فساد الصداق المسمى ووجوب مهر المثل لأنه نقص من صداقها لأجل هذا الشرط الفاسد والمهر لا يجب إلا للزوجة لأنه عوض بضعها-‏)‏ بالرفع خبر أحق وقد ينصب على حذف كان تقديره أحق ما أكرم لأجله الرجل إذا كانت ابنته ‏(‏أو أخته‏)‏ قال ابن رسلان‏:‏ ظاهر العطف أن الحكم المذكور لا يختص بالأب بل في معناه كل ولي ولم أر من قال به‏.‏

- ‏(‏حم د ن ه عن ابن عمرو‏)‏ ابن العاص‏.‏

2994 - ‏(‏أيما امرأة‏)‏ ثيب أو بكر ‏(‏زوّجت نفسها من غير ولي فهي زانية‏)‏ نص صريح في اشتراط الولي لصحة النكاح وبهذا أخذ الشافعي وقوله من غير ولي إيضاح‏.‏

- ‏(‏خط عن معاذ‏)‏ بن جبل قال ابن الجوزي‏:‏ هذا لا يصح وفيه أبو عصمة نوح بن أبي مريم قال يحيى ليس بشيء لا يكتب حديثه وقال السعدي‏:‏ سقط حديثه وقال مسلم والدارقطني ونوح وضع حديث فضائل القرآن‏.‏

‏[‏ص 155‏]‏ 2995 - ‏(‏أيما امرأة تطيبت‏)‏ أي استعملت الطيب الذي هو ذو الريح ‏(‏ثم خرجت إلى المسجد‏)‏ تصلي فيه ‏(‏لم تقبل لها صلاة‏)‏ ما دامت متطيبة ‏(‏حتى تغتسل‏)‏ يعني تزيل أثر ريح الطيب بغسل أو غيره أي لأنها لا تثاب على الصلاة ما دامت متطيبة لكنها صحيحة مغنية عن القضاء مسقطة للفرض فعبر عن نفي الثواب بنفي القبول إرعاباً وزجراً‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ وفيه عاصم بن عبد اللّه ضعفه جمع‏.‏

2996 - ‏(‏أيما امرأة زادت في رأسها شعراً ليس منه فإنه زور تزيد فيه‏)‏ فيه حجة لمذهب الليث أن الممتنع وصل الشعر بالشعر أما لو وصلت شعرها بغير شعر كخرقة وصوف فلا يشمله النهي وبه أخذ بعضهم وضعفه الجمهور مطلقاً -وكما يحرم على المرأة الزيادة في شعر رأسها يحرم عليها حلق شعر رأسها بغير ضرورة‏.‏

- ‏(‏ن عن معاوية‏)‏ بن أبي سفيان ورواه عنه أيضاً الطبراني وغيره‏.‏

2997 - ‏(‏أيما رجل أعتق أمة ثم تزوج بها بمهر جديد فله أجران‏)‏ أجر بالعتق وأجر بالتعليم والتزويج‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي موسى‏)‏ الأشعري‏.‏

2998 - ‏(‏أيما رجل قام إلى وضوئه‏)‏ يحتمل كونه بفتح الواو أي الماء ليتوضأ منه ويحتمل بالضم أي إلى فعل الوضوء ‏(‏يريد الصلاة‏)‏ بذلك الوضوء ‏(‏ثم غسل كفيه نزلت خطيئته من كفيه مع أول قطرة‏)‏ تقطر منهما قال القاضي‏:‏ هو مجاز عن غفرانها لأنها ليست بأجسام فتخرج حقيقة وكذا يقال فيما بعده وقال الطيبي‏:‏ هذا وما بعده تمثيل وتصوير لبراءته عن الذنوب كلها على سبيل المبالغة لكن هذا العام خص بالتغاير ‏(‏فإذا غسل وجهه نزلت خطيئته من سمعه وبصره مع أول قطرة‏)‏ تقطر منه ‏(‏فإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلم من كل ذنب هو له ومن كل خطيئة كهيئة ‏(‏يوم ولدته أمه‏)‏ ويصير سالماً من الذنوب مثل وقت ولادته ‏(‏فإذا قام إلى الصلاة‏)‏ وصلاها ‏(‏رفعه اللّه عز وجل بها درجة‏)‏ أي منزلة عالية في الجنة ‏(‏وإن قعد‏)‏ أي عن الصلاة أي لم يصلها بذلك ‏(‏قعد سالماً‏)‏ من الخطايا قال الطيبي‏:‏ فإن قلت ذكر لكل عضو ما يختص به من الذنوب وما يزيلها عن ذلك العضو والوجه مشتمل على الأنف والفم فلم خصت بالذكر دونهما قلت العين طليعة القلب ورائده وكذا الأذن فإذا ذكرا أغنيا عن سائرها قال‏:‏ والبصر واليد والرجل كلها تأكيدات تفيد مبالغة في الإزالة واعلم أنه قد زاد في رواية للطبراني بعد غسل اليدين إلى المرفقين فإذا مسح برأسه تناثرت خطاياه من أصول الشعر والمراد بخطايا الرأس نحو الفكر في محرم وتحريك الرأس استهزاء بمسلم وتمكين المرأة أجنبياً من مسه مثلاً والخيلاء بشعره والعمامة وإرسال العذبة فخراً وكبراً ونحو ذلك‏.‏